للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكاد أبو تمام يظفر بهذا المعنى في مدح المعتصم لولا أنه أفسده فقال:

من البأس والمعروف والجود والتقى ... عيال عليه رزقهن شمائله

فجعل البأس مع هذه الحال عيالاً عليه، وجعل شمائله -وهي أخلاقه- رزقاً لها، وهذه استعارة في غاية القبح والشناعة، وإنما سمع قول جرير في يزيد بن معاوية:

الحزم والجود والإيمان قد نزلوا ... على يزيد أمين الله فاحتفلوا

فحذا حذوه، وما أظن لجرير بيتاً في المدح أردأ من هذا البيت، وهو خير

من بيت أبي تمام.

وإنما أراد جرير أن يجعل ليزيد في وصفه بالحزم والإيمان مزية على غيره من

أجل الخلافة فكان المعنى جيداً واللفظ رديئاً لأنه قال: «نزلوا واحتلفوا»، وهذا فعل ما يعقل، ولو كان استوى له أن يقول «نزلت واحتلفت»، كان ذلك أليق وأحسن، ولكن لما كان الاحتلاف لا يكون إلا لما يعقل، حمل الفعل عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>