للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومن باب السؤدد والشرف ذكر علو القدر وعظيم الفضل

قال أبو تمام:

الله أكبر جاء أكبر من جرت ... فتعثرت في كنهه الأوهام (١)

من لا يحيط الواصفون بقدره ... حتى يقولوا قدره إلهام

قوله: «الله أكبر»، يقول فيما أظنه عند قدوم المأمون من خراسان، أي الله أكبر من كل أحد، قد جاء أكبر من جرت فتعثرت في كنهه الأوهام.

وكنه الشيء: غاية صفته.

وقوله: «حتى يقولوا قدره إلهام» من جنونه؛ لأن الإلهام هو ما يلقيه الله، عز وجل، في قلب الإنسان حتى يعرفه بغير تعرف، ويعلمه من غير تعلم، فيقول: لا يحاط بقدره إلا أن يكون ذلك إلهاماً من الله، جل وعز، فيعرف.

وقدر كل شيء: هو مبلغه، فيقول: سرنا قدر ميل، وقدر فرسخ، وأخذت منه قدر عشرين درهماً، أي مبلغ عشرين.

وإنما سمع الناس يقولون هذا أمر لا يقدر قدره، وسمع قول الله عز وجل: «وما قدروا الله حق قدره» (٢)، قيل في التفسير: ما عرفوه حق معرفته، فأراد أن ينجو بقدر المأمون هذا النحو فأخرجه بهذه العبارة المستكرهة.

يريد أن قدره لا يعرف إلا بالإلهام من الله جل جلاله.

<<  <  ج: ص:  >  >>