للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما ذكره من استيلاء النوى على الأحباب المفارقين]

قال أبو تمام:

وفي الكلة الصفراء جؤذر رملة ... غدا مستقلاً، والفراق معادله (١)

تيقنت أن البين أول فاتك ... به مذ رأيت الهجر وهو يغازله

قوله: «الفراق معادله» معنى غير جيد ولا صحيح؛ لأن الفراق هو مفارقة كل واحد من الاثنين صاحبه، فإذا جعل الفراق ماضياً مع أحدهما، وأخلى الآخر منه كان الآخر غير مفارق، وهذا محال، وإنما أوقع أبا تمام فيه أنه جعل الفراق كأنه شخص مسلط على المحبوب، استولى عليه فذهب.

وقد يستعمل مثل هذا ولكن ليس على هذا الوجه.

والاستعارة التي هي أقرب إلى الجواز قوله:

سعدت غربة بسعاد ... فهي طوع الإتهام والإنجاد (٢)

وذلك أن النوى إنما هي: نية القوم المفارقين دون من المقيمين.

... وقال البحتري:

قد بين البين المفرق بيننا ... عشق النوى لربيب ذلك الربرب (٣)

فنسب العشق إلى النوى على سبيل الاستعارة.

وقال البحتري وهو حسن:

نوين النوى، ثم استجبن لهاتف ... من البين نادى بالفراق فأسمعا (٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>