للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* باب في فضل أبي تمام

وجدت أهل النصفة من أصحاب البحتري ومن يقدم مطبوع الشعر دون متكلفه لا يدفعون أبا تمام عن لطيف المعاني ودقيقها، والإبداع والإغراب فيها، والاستنباط لها، ويقولون: إنه وإن اختل في بعض ما يورده منها فإن الذي يوجد فيها من النادر المستحسن أكثر مما يوجد من السخيف المسترذل، وإن اهمامه بمعانيه أكثر من اهتمامه بتقويم ألفاظه، على كثرة غرامه بالطباق والتجنيس والمماثلة، وإنه إذا لاح له أخرجه بأي لفظ استوى من ضعيف أو قوي.

وهذا من أعدل كلامٍ سمعته فيه، وإذا كان هذا هكذا فقد سلموا له لاشيء الذي هو ضالة الشعراء وطلبتهم، وهو لطيف المعاني، وبهذه الخلة دون ما سواها فضل امرؤ القيس؛ لأن الذي في شعره من دقيق المعاني وبديع الوصف ولطيف التشبيه وبديع الحكمة فوق ما في أشعار سائر الشعراء من الجاهلية والاسلام، حتى إنه لا تكاد تخلو له قصيدة واحدة من أن تشتمل من ذلك على نوع أو أنواع، ولولا لطيف المعاني

<<  <  ج: ص:  >  >>