للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما قالاه في سؤال الدار واستعجامها عن الجواب والبكاء عليها أيضاً

قال أبو تمام:

من سجايا الطلول ألا تجيبا ... فصواب من مقلة أن تصوبا (١)

فاسألنها واجعل بكاك جواباً ... تجد الشوق سائلاً ومجيبا (٢)

وقد ذكرت هذا الابتداء في الابتداءات (٣).

وقوله: «فاسألنها واجعل بكاك جواباً»، لأنه قال (٤): من سجاياها ألا تجيب، فليكن بكاؤك الجواب؛ لأنها لو أجابت: أجابت بما يبكيك، أو لأنها لما لم تجب علمت أن من كان يجيب قد رحل عنها، فاوجب ذلك بكاءك.

وقوله: «تجد الشوق سائلاً ومجيباً»، أي أنك إنما وقفت على الدار وسألتها لشدة شوقك إلى من كان بها، ثم بكيت شوقاً إليهم، فكان الشوق سبباً للسؤال، وسبباً للبكاء.

وهذه فلسفة حسنة، ومذهب من مذاهب أبي تمام، وليس على مذاهب الشعراء ولا طريقتهم، ومثله قوله:

تجرع أسى قد أقفر الجرع الفرد ... ودع حسى عين يجتلب ماءه الوجد (٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>