للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما يخلف الظاعنين في الديار من الوحش وغيرها]

قال أبو تمام يخاطب الربع:

قد كنت معهوداً بأحسن ساكن ... ثاو فأحسن دمنة ورسوم (١)

أيام للأيام فيك غضارة ... والدهر في وفيك غير مليم

وظباء أنسك لم تبدل منهم ... بظباء وحشك ظاعناً بمقيم

من كل ريم لو تبذل قطعت ... ألحاظ مقلته فؤاد الريم

قوله: «ثاو بأحسن دمنة ورسوم» غلط؛ لأن رسوم الدار لا تسمى رسوماً إذا كان أهلها ثاوين فيها، بل إنما تسمى رسوماً: إذا فارقها ساكونها وارتحلوا عنها؛ لأن الرسم هو الأثر الباقي بعدهم.

والصحيح المستقيم قول البحتري:

يا مغاني الأحباب صرت رسوماً ... وغدا الدهر فيك عندي ملوما (٢)

وليس أبو تمام ممن يذهب هذا عليه، ولكنه يسامح نفسه في ألفاظه، فيقع الغلط عليه عند كلال خاطره، ألا تراه قال:

قالوا: أتبكي على رسم فقلت لهم: من فاته العين هدى شوقه الأثر (٣)

فجاء بالرسم في موضعه، وقد ذكرت هذا فيما تقدم (٤).

وقوله: «من كل ريم لو تبذل» لفظ غير لائق بالمعنى، ولا ملتئم معه؛ لأنه يريد بالريم: المرأة؛ وتبذلها لا يقطع فؤاد الريم، فإن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>