للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال:

وإذا المواهب أظلمت ألبستها ... بشراً كبارقة الحسام المخذم

أعطيت ما لم تعطه ولو انقضى ... حسن اللقاء حرمت ما لم تحرم

فقوله: أعطيت ما لم تعطه، يعني: البشر، لأنه ليس بعطاء على الحقيقة، ولو لم تفعل لحرمت ما لم تحرم، أي: لحرمت منه ما لا يسمى حرماناً على الصحة، أو أن يكون أراد: ولو انقضى حسن اللقاء كنت قد حرمت العطاء الذي لم يحرمه أي: كنت كأنك لم تعطه لسوء لقائك.

وما ترك زهير في البشر إحساناً لقائل مع قوله:

تراه إذا ماجئته متهللاً ... كأنك معطيه الذي أنت سائله

وقد قدح فيه مالاً يضره، وهو أن قيل: إنه قد حط من همته، ووضع منه إذ جعله يفرح بعطية يعطاها، وكان أن يجعل الدنيا تصغر عنده أن لو سيقت إليه.

وما قاله زهير غير مانع أن يكون صاحبه بهذا الوصف، بل ما قاله يوجب لصاحبه هذا الوصف، أن يكون بشره وطلاقة وجهه في إعطاء ما يعطي، وأخذ ما يأخذ على حال واحدة، وقد أخذه الكميت فقال:

يلقى أبانا على عسر وميسرة ... كأن مستوهبيه المال هم وهبوا

<<  <  ج: ص:  >  >>