للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبائلاً، كأنه جعل الظلام مختلف الأحوال في الظلمة يشتد اسوداده، ويخف، بحسب اختلاف أحوال تعرض لليل ريح أو غمام، أو تجلى قمر، غيوبه، وأنت ترى الليل على هذه الأحوال أبداً، والنهار حاله حال واحدة، لا يقبض البصر فيه شيء في حال صحو ولا غمام، فهذا معنى -إن شاء الله- يليق بالصواب، أو يقاربه.

ووجه آخر أن الليل لا يقبض الطرف دفعة واحدة بل شيئاً فشيئاً،

حتى يشتد سواده إلى أن يمضي ثلثه، وتلك فحمة الليل، ثم يتجلى إلى ظلمة هي أرق، ويقال بل العين تألف سواد الليل إذا امتد هذا الوقت، فتقوى على إدراك ما لم تكن تدركه عند هجوم الظلمة، وهي قريبة العهد بالضوء، وهذا قول غير مدفوع الصحة، ثم إنهم يقولون في مجيء الليل: جهمة بعد جهمة، حتى إن بعضهم يقول أنه يرى الظلام يتحرك عند انحساره ولهذا قال امرؤ القيس:

«وليل كموج البحر ...»

وقال:

فقلت له ام تمطى بصلبه ... وأردف أعجازاً وناء بكلكل

وقال البحتري:

في خميس كأنما طرقوا منـ ... ـه بليل أو صبحوا بنهار

وهذا حسن، والبحتري متبع في هذا وغير مبتدع.

<<  <  ج: ص:  >  >>