للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكرهم عنده فصيح وإن هم ... خاطبوا مكره رأوه جليبا

قوله: «سكن الكيد فيهم» أي: أخفاه، و «سكن» لا ينوب مناب «أخفى» ولا يستعمل أيضاً في هذا الموضع.

ثم قال: «إن من أعظم إرب ألا يسمى أريبا» و «الإرب»: الدهاء، يريد أنه لما أخفى كيده، فقالوا: لا كيد له، فقال: إن من أعظم إرب، أي: من أعظم دهاء ألا يسمى داهياً، أي: إن من أعظم دهائه أن يخفى كيده فلا يظنوا به الدهاء.

ثم قال: «مكرهم عنده فصيح» أي: ظاهر بين.

«وإن هم خاطبوا مكره رأوه جليبا» يريد: أعجمياً مجلوباً، فجعل المكر يخاطب، وجعله أعجمياً، ودل على عجمته بالجلب، وما أظن أبالعبر لو تعمل للسخف كان ينتهي إلى هذا الحد.

وقال في أبي سعيد:

كادت تحل طلاهم من جماجمهم ... لو لم يحلوا ببذل الحكم ما عقدوا

لكن بذلت لهم رأى ابن محصنة ... يخاله السيف سيفاً حين يجتهد

قوله: «يخاله السيف سيفاً» من إغراقه المعروف الذي لا حلاوة له ولا تحصيل فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>