وأراد أبو تمام أن الطالبين لو علموا التذاذه الندى لم يحمدوه، والمعنيان إنما اتفقا في طريق التذاذ الممدوح بعطائه فقط؛ وهذا ليس من بديع المعانى التى يختص بها شاعر فيقال: إن واحد أخذه من الآخر؛ لأن العادة جارية بأن يقال: فلان لا يعطى متكارهاً ولا متكلّفاً، بل يعطى عن نية صادقة، ومحبة لبذل المعروف تامة، ونحو هذا من يقول.
٣٥ - وقال في قوله:
لو كان ينفخ قين الحى في فحم
من قو الأغلب:
قد قاتلوا لو ينفخون في فحم ... ما جبنوا ولا تولوا من الأمم
وهذا معنى شائع من معاني العرب، وجار في الأمثل أن يقولوا: قد فعلت كذا، واجتهدت في كذا لو كنت تنفخ في فحم ٍ؛ لأن النفخ يحي النار ويشعلها، والنفخ في حطب ليس بفحم ولا أخذت النار فيه لا يورى ناراٍ.