للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو تمام:

والحرب تركب رأسها في مشهد ... عدل السفيه به بألف حليم

في ساعة لو أن لقاناً بها ... وهو الحكيم لكان غير حكيم

جثمت طيور الموت في أوكارها ... فتركن طير العقل غير جثوم

البيتان الأولان في غاية الجودة وصحة المعنى.

قوله: «جثمت طيور الموت في أوكارها» بيت رديء القسمة رديء المعنى، لأنه جعل طير الموت في أوكارها جثوماً ساكنة لا ينفرها شيء، وطير العقل غير جثوم، يعني أنها قد نفرت فطارت، يريد طيران عقولهم من شدة الروع، وما كان ينبغي أن يجعل طير الموت جثوماً في أوكارها، وإنما كان الوجه أن يجعلها جاثمة على رؤوسهم، أو وقعاً عليهم، فأما أن تكون في أوكارها، فإنها في السلم وفي الأمن في أوكارها أيضاً، وطير العقل ليس بضد لطير الموت، وإنما هي ضد لطير الجهل، وطير الحياة هي الضد لطير الموت، وهذا المعنى الذي ركبه عندي خطأ، وقد بينته فيما قدمت ذكره من أغاليطه.

وقد أساء أبو تمام في هذا الباب إساءات كثيرة، والبحتري فيه عندي أشعر منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>