للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتى جاءه مقداره وبنى العلى ... يداه وعشر المكرمات أنامله

جعل يديه أبنية العلى، وإنما كان يجب أن يجعل يديه تبنيان العلى، على ما ماجرت به عادات الشعراء في مثل هذا، غير أنه أراد المبالغة، فجعل يديه أنفسهما أبنية العلى، وهذا من شدة تقعره.

وأراد أن يقول: «والمكرمات عشر أنامله» وهي معروفة، فقال: «عشر المكرمات» فجعل المكرمات عشرًا، وحصرها بهذا العدد، وأنها أنامله، والمكرمات غير محصية العدد، وهذا قلة حيلة في اللفظ والنظم.

وقال البحتري:

أحقًا بأن الليث بعد ابتزاره ... نفوس العدى من شاسع ومجاور

مخل بتصريف الأعنة تارك ... لقاء الزخوف واقتياد العساكر

ومنصرف عن المكارم والعلا ... وقد شرعت فوت العيون النواظر

كأن لم ينف نجد المعالي ولم تغر ... سراياه في أرض العدو المغاور

ولم يتبسم للعطايا فتنبري ... مواهب أمثال الغيوث البواكر

ولم يدرع وشي الحديد فيلتقي ... على شائك الأنياب شاكي الأظافر

على ملك ما انفك شمس أسرة ... تعار به ضوءًا وبدر منابر

وقال:

ولي هدى سفر إلى الموت سائر ... وقائد زحف للخطوب مقاتل

<<  <  ج: ص:  >  >>