للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما بال دجلة كالغيرى تنافسها ... في الحسن طوراً وأطواراً تباهيها

أما رأت كاليء الإسلام يكلؤها ... من أن تعاب وباني المجد يبنيها

كأن جن سليمان الذين ولوا ... إبداعها وأدقوا في معانيها

فلو تمر بها بلقيس عن عرض ... قالت هي الصرح تمثيلاً وتشبيهاً

تنحط فيها وفود الماء معجلة ... كالخيل خارجة من حبل مجريها

إذا علتها الصبا أبدت لها حبكاً ... مثل الجواشن مصقولاً حواشيها

فرونق الشمس أحياناً يضاحكها ... وريق الغيث أحياناً يباكيها

إذا النجوم تراءت في جوانحها ... ليلاً حسبت سماء ركبت فيها

لا يبلغ السمك المحصور غايتها ... لبعد ما بين قاصيها ودانيها

يعمن فيها بأسواط مجنحة ... كالطير تنقض في جو خوافيها

لهن صحن رحيب في أسافلها ... إذا انحططن وبهو في أعاليها

صور إلى صورة الدلفين يؤنسها ... منه وفاء بعينيه يناجيها

تغني بساتينها القصوى برؤيتها ... عن السحائب منهلاً عزاليها

كأنها حين لجت في تدفقها ... يد الخليفة لما سال واديها

وزادها زينة من بعد زينتها ... أن اسمه يوم يدعى من أساميها

محفوفة برياض لا تزال ترى ... ريش الطواويس تحكيه ويحكيها

فهذا من مشهور إحسان البحتري.

وإذ قد ذكرت الأبنية فمن الواجب أن أثبت في هذا الموضع قصيدته التي

<<  <  ج: ص:  >  >>