للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: إن أبا تمام لم يرد غير العنس، ولم يرد العانس؛ لأنه لو أراد العانس لكان مخطئاً من وجهٍ غير الذي ذكرته، وهو أن العوان - فيما ذكر بعض أهل اللغة - الثيب، وقيل: إنها التي كان لها زوج، وجرير قد أفصح أنها ذات الزوج في قوله:

وأعطوا كما أعطت عوانٌ حليها ... أقرت لبعل بعد بعلٍ تراسله

فكيف يكون العانس وصفاً للعوان، ولاعانس هي التي حبست عن التزويج؟ قال عامر بن جوين الطائي:

ووالله ما أحببت حبك عانساً ... ولا ثيباً لو أن ذاك أتاني

فجعلها ضد الثيب، والعنس أولى بأن تكون وصفاً للعوان من العانس، ويكونان جميعاً من أوصاف العوان؛ لأن العوان إذا أريد بها الناقة، وهي دون المسنة وفوق الفتية، فهي حينئذ الكاملة، والعنس: الناقة التي قد انتهت في قوتها، فهما صفتان متفقتان استعارهما الشاعر للصنيعة من أوصاف النوق، كما استعار البكر الكعاب من أوصاف النساء.

قيل: هذا غلط من الاحتجاج، وتعسف من التأويل، وإنما يستدل ببعض الألفاظ على بعض، كما يستدل على المعنى بما يقترن ويتصل به، فيكون في ذلك بيانٌ وإيضاح، أما العوان والبكر - وإن كان قد وصف بهما غير المرأة من البهائم وغير البهائم - فإن البكر في البيت لا تكون مستعارة إلا من أوصاف النساء، من أجل ما اقترن بها من لفظ الكعاب التي هي

<<  <  ج: ص:  >  >>