للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنست تعنس تعنيساً بالتشديد، حكى ذلك عنه يعقوب بن السكيت، وهب أن قد جاء العنس مصدر عنست فليس في كل موضوع يسوغ أن تكون المصادر أو صافاً، وإنما تكون أوصافاً على وجه من الوجوه وطريقة من اللفظ، وهي قولهم: إنما زيد دهره أكلٌ ونومٌ، وإنما عمرو أبداً قيامٌ وقعودٌ؛ فإن شئت كان المعنى إنما زيد ذوأ كل ونوم، وإنما عمرو ذو قيام وقعود فتقيم المضاف إليه مقام المضاف؛ لأنه يدل عليه، أو تجعل زيداًنفسه الأكل والنوم وعمرا القيام والقعود على المبالغة؛ لأن ذلك كثير منهما، كما قالت الخنساء:

ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت ... فإنما هي إقبالٌ وإدبار

فجعلت الناقة هي الإدبار والإقبال لأن ذلك كثر منها، وإن شئت كان المعنى ذات إقبال وإدبار، فأقمت المضاف إليه مقام المضاف؛ فهذه طريقة الوصف بالمصادر، وإذا تأولت بالعنس المصدر في قوله " وليست بالعوان العنس " كان ذلك كقولك: ليست هند بالصبية الصغر، تريد الصغيرة، ولا دعد بالهرمة الكبر، تريد الكبيرة؛ فهذا لا يسوغ في منطق ولا يعرف في لغة، ولكن قد تستعمل هذه المصادر وصفاً على نحو ماذكرته؛ فيقال هند الحسن كله، ودعد الجمال أجمعه، وزيد الهرم أقصاه، وعبد الله البغض نفسه، والتينة عينه، وإن شئت كان

<<  <  ج: ص:  >  >>