للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول والفعل الذي قد عرفت المصلحة فيه؛ فصار معهوداً معتاداً إذاأورد لم تنفر النفوس منه فتنكره، وهذا لا يكون الإنسان محموداً به إذا أعطاه هذه الطبقة من أهله حتى يمدح بفعله ويفتخر له به، بل يكون مذموماً إذا اقتصر عليه ولم يتجاوزه إلى التوسعة عليهم، والإغناء لهم، إن كان من ذلك ممكناً وعليه مقتدراً، فما بال غير هؤلاء من الأقارب ممن ليس له حق من طريق الحكم، وهم بنو الأعمام الذين هم الأعضاد والعدة، وبهم تكون النصرة، وكذلك بنو الأخوات وبنو الأخوال لم يجعل المعروف - الذي هو تبرع - في الأباعد دونهم ويخرجون منه.

وإن أردت الحقوق التي يلزمها الإنسان نفسه تكرماً وتفضلاً فذلك حقيقة العرف الذي يتبرع المرء به، ويحمد عليه، ويمدح بفعله إياه، وإعطتئه له، ويذم إذا منعه. والأقارب على الاختلاف في طبقاتهم وأنسابهم أولى به من الأباعد؛ فمن جعله في الأباعد دونهم فذلك منه غاية اللؤم، ونهاية العقوق، وعين الحمق، وإن وصفه واصفٌ به فقد بالغ في ذمه، وتناهى في هجائه.

وقال آخر: قوله " الو للقربى " قد جمع لهم الود والعرف وغيره؛ لأن الود يشتمل على ذلك كله، والعرف الذي خص به الأبعدين لا يجمع الوداد؛ إذ ليس كل من أسديت إليه معروفاً فقد وددته، فقد أعطى ذوى القربى أكثر مما أعطى الأبعدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>