للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأراد أن الود قد يكون ولا نفع معه، وقال أبوتمام:

قراني اللهى والود حتى كأنما ... أفاد الغنى من نائلي وفوائدي

وعارض آخر بمثل هذه المعارضة سواء، فأجبته بمثل هذا الحواب، وقلت له: إن كان الأمر على ما تزعم وتركناك على شهوتك في أن الود يجمع المحبة والصلة فقد ناقض إذاً هذا الشاعر نفسه في البيت، فإنه إن كان أراد بقوله " الود للقربى " المحبة والمعروف جميعا فقد قال في عجز البيت " ولكن عرفه في الأبعد الأوطان دون الأقرب " فأخرج الأقرب من العرف بقوله " دون " فلو كنت تركته على ما يقتضيه ظاهر لفظه من حرمان الأقرب كان ذلك أقل قبحا من المناقضة.

فقال: إنما أراد بقوله " ولكن عرفه في الأبعد الأوطان دون الأقرب " إفراد العرف للأبعد، وألا يجمعه له مع الود كما جمعهما للأقرب.

فقلت: قوله " دون " يفسد عليك هذا التأويل، وما أراك إلا قد أوضحت فيه الإحالة والمناقضة وبينتهما؛ لأنك في هذا كقائل قال: الود والمال جميعا لزيد، والمال لعمرو مفرداً دون زيد، فكيف يجمع المال مع الود لزيد أولا ويفرد عمراً به دون زيد آخراً؟ وهذا أقبح ما يكون من

<<  <  ج: ص:  >  >>