للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاعل على نيته لما نسب أحد إلى غلطٍ ولا خطأ في قول ولا فعل، ولكان من سدد سهماً وهو يريد غرضاً فأصاب به عين رجلٍ فذهبت، غير مخطئ؛ لأنه ما اعتمد إلا الغرض، ولا نوى غير القرطاس.

وقال آخر: أراد بقوله " ولكن عرفه في الأبعد الأوطان دون الأقرب " أي: بعد الأقرب، كما تقول: جائني الأمير فمن دونه، أي: فمن بعده.

قلت: فإنما معنى " فمن دون " أي: فمن هو أدون منه في الرتبة، بعده كان مجيئه أو قبله.

وقال آخر: إنما أراد أبو تمام بقوله " دون الأقرب " أي: فضلاً عن الأقرب أو: فكيف الأقرب؛ لأن هذا مذهبٌ للناس: أن يضعوا " دون " في هذا الموضع فيقولوا: أنا أرضى بالقليل دون الكثير، أي: فضلا عن الكثير، وأنا أقنع بقرصٍ من شعير دون ما سواه، أي فضلاً عما سواه، وهذا مذهبٌ صحيح معروف.

قلت له: هذا توهم منك فاسد، وتأولٌ لهذا الكلام على غير وجهه المقصود؛ لأن معنى " دون " عند أهل اللغة التقصير عن الغاية؛ فمعنى قوله " أنا أرضى بالقليل دون الكثير " أي أرضى بالقليل، ولا أنتهى إلى الكثير: أي لا أطمح إليه، وأرضة بقرص من شعير ولا أنتهى إلى ما سواه؛ فهذه

<<  <  ج: ص:  >  >>