للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه، " ولمحٌ باصر " أي: يبصر به.

وإنما تستعار اللفظة لغير ما هي له إذا احتملت معنى يصلح لذلك الشيء الذي استعيرت له ويلييق به؛ لأن الكلام إنما هو مبنيٌ على الفائدة في حقيقته ومجازه، وإذا لم تتعلق اللفظة المستعارة بفائدة في النطق فلا وجه لاستعارتها، ولو كان الزمان يوصف بالعرض على الحقيقة - وهذا محال - لما كان في بيت أبي تمام معنى؛ لأنه إنما أراد أن يبالغ في طول وجده؛ إذ كان الوجد يوصف بالطول، كما يوصف به الشسوق والغرام ونحوهما؛ فيقال: طال وجدي، وطال شوقي، وطال غرامي.

وكذلك الزمان إنما يوصف بالطول؛ فيقال: طال ليلي، وطال نهاري، فما كانت حاجة إلى العرض؛ وإنما فضل وجده على الدر وعلى اليوم الذي جعله كالدهر من جهة الطول لا من جهة العرض، ألا تراه قال:

ووجدي من هذا وهذاك أطول

وقد ذكر أبو تمام العرض في بيت آخر فقال:

إن الثناء يسير عرضاً في الورى ... ومحله في الطول فوق الأنجم

وكيف يعقل سير الثناء عرضاً في الورى وهو لم يحدد موضعاً بعينه فيحسن فيه ذكر الطول أو العرض، فيكون كما قال الراعي:

وجرى على حرب الصوى فطردته ... طرد الوسيقة في السماوة طولا

<<  <  ج: ص:  >  >>