شربت ماء أعذب من ماء أعذب من ماء ثوب شربته عند فلان، أورأيته على فلان الملك؛ وكذلك لا تقول: ما شربت ماء أعذب من ماء " قفا نبك " أو أعذب من ماء قصيدة كذا؛ لأن للستعارة حداً تصلح فيه، فإذا جاوزته فسدت وقبحت.
فأما قولهم " فلان حلو الكلام " و " عذب المنطق " أو " كأن ألفاظه فتات السكر " فهذا كلام الناس على هذه السياقة، وليس يريدون حلاوة على اللسان، ولا عذوبة في الفم، وإنما يريدون عذباً في النفوس، وحلواً في القلوب، كما قال هو، أعني أبا تمام:
وكذلك قولهم " حلو المنظر " إنما يريدون حلوا في العين، ولا تقول: ما ذقت أحلى من كلام فلان، ولا ما شربت أعذب من ألفاظ عمرو؛ لأن هذا القول صيغة الحقيقة، لا الاستعارة، ولا تقل: ما شر بت أعذب من عمرو، ولا ما أكلت أحلى من عبسد الله، فاعلم هذا؛ فإن حدود الاستعارة معلومة.