فوجب إخراج ما استعاره من معاني الناس؛ ووجب من أجل ذلك إخراج ما أخذه البحتري أيضاً من معاني الشعراء، ولم أستقص باب البحتري، ولا قصدت الاهتمام إلى تتبعه؛ لأن أصحاب البحتري ما ادعوا ما ادعاه أصحاب أبي تمام لأبي تمام، بل استقصيت ما أخذه من أبي تمام خاصة؛ إذ كان من أقبح المساوى أن يتعمد الشاعر ديوان رجل واحد من الشعراء فيأخذ من معانيه ما أخذه البحتري من معاني أبي تمام، ولو كان عشرة أبيات، فكيف والذي أخذه منه يزيد على مائة بيت؟ فأما مساوى البحتري - من غير السرقات - فقد دققت واجتهدت أن أظفر له بشيء يكون بإزاء ما أخرجته من مساوئ أبي تمام في سائر الأنواع التي ذكرتها، فلم أجد في شعره - لشدة تحرزه، وجودة طبعه، وتهذيه لألفاظه - من ذلك إلا أبياتاً يسيرة أنا أذكرها عند الفراغ من سرقاته، فإن مر بي شيء منها ألحقته به، إن شاء الله تعالى.