للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو تمام زعم أن رونق القول بالمواعيد لا يتحصل منه نفع إذا لم يكن فعال، وجعل الصحة ف يالقول والمرض في الأفعال مثلن في الاستعارة، والبحتري إنما ذكر أنه لا يرضى بالقول؛ لأن القول لا يحتسب به للماجد بغير فعل؛ فالغرضان مختلفان، والمعنى معنى واحد شائع جار في عادات الناس أن يقولوا: إنما زيد كلام، وإنما عمرو قول بلا فعل، ومثل هذا - مع كثرته على الألسن - لا يقال: إنه مسروق.

١٧ - ومن ذلك قول أبي تمام:

ستر الصنيعة واستمر ملعناً ... يدعو عليه النائل المظلوم

وقول البحتري:

أكافرٌ منك فضل نعمى ... وستر نعمى الكريم كفر

فذكر أبو تمام رجلا ذمه بستر الصنيعة، وجعله ملعناً يدعو عليه النائل المظلوم، على الاستعارة، والبحتري ذكر أن ستر النعمى كفر، وكلا اللفظين مستعملان شائعان على الألسن؛ فلا يقال لمن تكلم بأحد اللفظين: إنه استعاره من الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>