للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الصانع المخلوق في مصنوعاته التي علمه الله عز وجل إياها: لا تستقيم له وتجود إلا يهذه الأربعة، وهي: آلة يستجيدها ويتخيرها مثل خشب النجار وفضة الصائغ وآجر البناء وألفاظ الشاعر والخطيب، وهذه هي العلة الهيولانية التي قدموا ذكرها وجعلوها الأصل، ثم إصابة الغرض فيما يقصد الصانع صنعته، وهي العلة الصورية التي ذكرتها، ثم صحة التأليف حتى لا يقع فيه خلل ولا اضطراب، وهي العلة الفاعلة، ثم أن ينتهي الصانع إلى تمام صنعته من غير نقص منها ولا زيادة عليها، وهي العلة التمامية.

فهذا قولٌ جامع لكل الصناعات والمخلوقات، فإن اتفق الآن لكل صانع بعد هذه الدعائم الأربع أن يحدث في صنعته معنى لطيفا مستغربا كما قلنا في الشعر من حيث لا يخرج عن الغرض فذلك زائد في حسن صنعته وجودتها، وإلا فالصنعة قائمة بنفسها مستغنية عما سواها.

وقد ذكر بزرجمهر فضائل الكلام ورذائله، وبعض ذلك دليل في الشعر، فقال: إن فضائل الكلام خمسٌ لو نقص منها فضيلة واحدة

<<  <  ج: ص:  >  >>