كحواشي الرداء قد مح منه ... بعد حسنٍ عصائب التسهيم
وهذا حسن جداً. وقول البحتري " يضعفن عن إذكارنا عهد الصبى " يعني لطول عهدهن ودروسهن.
وقد تصرف شعراء الجاهلية والإسلام في وصف آثار الديار أحسن تصرفٍ، وأتوا فيه بكل تشبيه مستحسن ومعنى مستغرب؛ فمنه قول طرفة:
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
الوشم: أثر الحناء. وخص ظاهر اليد لأن دروسه أسرع. وقال لبيد:
وجلا السيول عن الطلول كأنها ... زبرٌ تجد متونها أقلامها
وهذا ما زلت أسمع العلماء تعجب من حسنه ولطافة معناه، وكان الفرزدق إذا أنشده يسجد ويقول: إنا نعرف مكان السجود في الشعر كما تعرفونه في القرآن. وقال آخر، وأنشده إسحاق بن إبراهيم:
تمتع بكر الطرف في رسم منزلٍ ... تحمل عنه قاطنوه فأقفرا
ترى فيه آثاراً، وإن كان داثراً ... تذكرك الشوق القديم فتذكرا