للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا قلت: أنسى دار ليلى على البلى ... تصور في أقصى ضميري مثالها (١)

وكنت أرجي وصلها عند هجرها ... فقد بان مني هجرها ووصالها

فلا عهد إلا أن يعاود ذكرها ... ولا وصل إلا أن يطيف خيالها (٢)

وهذا هو الشعر الذي لم تشن وجهه الاستعارة البعيدة، ولا المعنى المتمحل.

وقال الحارث بن خالد المخزومي في ضد قول البحتري: «وما أعرف الأطلال» وأحسن كل الإحسان، وأبدع وأغرب، وذلك قوله:

عفت الديار فما بها أهل ... أجراعها ودماثها السهل (٣)

أني وما نحروا غداة منى ... عند الجمار تؤودها العقل

لو بدلت أعلى منازلها ... سفلاً وأصبح سفلها يعلو

لعرفت مغناها احتملت ... مني الضلوع لأهلها قبل

ويكاد يعرفها الخبير بها ... فيرده الإقواء والمحل (٤)

... وأقول الآن في الموازنة: إن أهل الصنعة يفضلون كل ما قاله أبو تمام على أكثر ما قاله البحتري في هذا الباب، ويقولون: إن أبا تمام استقصى الوصف في نعوت النساء، وأحسن وأجاد.

وقد كان ذاك لعمري (٥) مع ما فيه من الإساءات والألفاظ الرديئة التي ذكرتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>