للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما عهدنا كذا نحيب المشوق ... كيف والدمع آية المعشوق (١)

كأنه يقول لنفسه: ما عهدنا كذا نحيب المشوق؛ أو أن يكون حكى قول أصحابه، وأراد أن يقول: بكيت فانتحبت، فقالوا: ما عهدنا كذا نحيب المشوق، وأراد أن يقول: فقلت لهم: كيف والدمع، فاقتصر على حكاية كلامهم وجوابه، وأسقط قالوا؛ فقلت: وكان الأجود أن يقول: آية العاشق، لأن من علامات المحب البكاء، وقال: آية المعشوق، أي أن دمعي علامة لمن أحبه في أنى عاشقه، وهذا لا يكون جواباً صحيحاً عما أنكروه عليه من شدة نحيبه، لأنه لم يبك ليعلمها أنه عاشق، وإنما بكى من شدة وجده، وإنما كان يصح أن يكون جواباً عنه أن لو كان صدر البيت:

* حسبتني في الحب غير صدوق *

فيقول:

* كيف والدمع آية المعشوق *

أي كيف لا أكون صدوقاً في حبي ودمعي آية لك يشهد بأني محب.

فهذا كان وجه هذا.

وعلى أن آية العاشق ههنا أيضاً أجود.

والدليل على أن قوله:

* ما عهدنا كذا نحيب المشوق (٢) *

إنما هو حكاية كلام من عنفه على النحيب أنه وصله بأن قال:

فأقلا التعنيف إن غراماً ... أن يكون الرفيق غير رفيق

<<  <  ج: ص:  >  >>