للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أيضاً من استقصاء أبي تمام، ومبالغته في المعاني التي يخرجها إلى التعمية والانغلاق.

وقوله: «وذاك حكم لبيد» يريد قول لبيد:

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر (١)

وقوله:

أجدر بجمرة لوعة أطفاؤها ... بالدمع أن تزداد طول وقود

غلط بين؛ لأنه أتى فيه بما يخالف مذهب أهل الجاهلية والإسلام، والأمم كلها؛ لأنهم مجمعون على أن البكاء راحة من الكرب، وتبريداً لحرارة الحزن، وتخفيفاً من لاعج المصيبة، و «طول خمود» أولى بالصواب من «طول وقود» لو كان بنى المعنى عليه وقد ذكرت هذا في أغاليطه (٢).

وقال أبو تمام:

فعليه السلام لا أشرك الأطـ ... ـلال في لوعتي، ولا في نحيبي

فسواء إجابتي غير داع ... ودعائي بالقفر غير مجيب

قوله: «لا أشرك الأطلال في لوعتي» أي أجعل ذلك خالصاً لأحبتي، أي لا أقول كما قال امرؤ القيس:

* قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل *

فاستوقف ليبكي على الحبيب والمنزل معاً.

وقوله: «فسواء إجابتي» معنى لطيف، وقد ذكرته في «باب استعجام الديار عن الجواب»، وبيت البحتري حذا على حذوه (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>