وقد أخبرني أنا رجلٌ من أهل الجزيرة - ويكنى أبا الوضاح، وكان عالما بشعر أبي تمام والبحتري وأخبارهما - أن القصيدة التي سمعها أبو تمام من البحتري عند محمد ابن يوسف وكان أول اجتماعهما وتعارفهما القصيدة التي أولها:
فيم ابتدار كما الملام ولوءا؟
وأنه لما بلغ إلى قوله فيها:
في منزلٍ ضنكٍ به القنا ... بين الضلوع إذا انحنين ضلوعا
نهض إليه أبو تمام فقبل بين عينيه: سروراً به، وتحفياً بالطائية، ثم قال: أبى الله إلا أن يكون الشعر يمنياً.
٣ - قال صاحب أبي تمام: إلا أنه - مع هذا - لا ينكر أن يكون قد استعار بعض معاني أب يتمام؛ لقرب البلدين، وكثرة ما كان يطرق سمع البحتري من شعر أبي تمام فيعلق شيئاً من معانيه، معتمداً للأخذ أو غير معتمد.