للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل قوله: «كتقويض الجهام المقلع» قول أبي تمام:

نوى كانقضاض النجم كانت نتيجة ... من الهزل يوماً إن هزل الهوى جد (١)

فقولهما: كتقويض الجهام، وكانقضاض النجم يريدان السرعة.

والجهام: السحاب الذي قد أراق ماءه فهو سريع الذهاب.

في بيت أبي تمام: لا يليق بآخره؛ لأنه قال: «كانت نتيجته من الهزل» يعني النوى، أي كان ذكرهم للرحيل قولاً عبثاً فنتج ذلك أن حققوا الرحيل، وجدوا فيه، وهذا معنى جيد بالغ؛ ولفظ مستقيم، ولكن أفسده بقوله: «إن هزل الهوى جد»؛ وليس هزل الهوى وجده من هذا المعنى في شيء، وإنما كان وجه الكلام أن يقول: ورب جد نتجه الهزل، أو ورب كبير هاجه صغير.

ولولا أن في سائر النسخ «إن هزل الهوى» لظننته ما قال إلا «هزل النوى» لأنهم أبداً ينغمون بالرحيل ولا يعزمون، فيكون ذلك كالهزل، ثم يجد الجد فيحققون، ويرتحلون، وقد عرفنا مثل هذا مشاهدة في غير شيء.

وقال البحتري:

وكم نافسوا من حرقة إثر فرقة ... تعجب من أنفاسنا وامتدادها (٢)

فهذا موضع الحرقة والفرقة.

وأجود من هذا كله ما أنشدناه (٣) أبو الحسن: موسى بن سليمان الهمداني

<<  <  ج: ص:  >  >>