للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله:

ولا بد من ترك أحدى اثنتيـ ... ن إما الشباب وإما العمر

عليه في هذا البيت معارضة، وهو أن يقال: إن من مات شاباً فقد فارق الشباب، وهو مفارق للعمر لا محالة، فهو أيضاً تارك لهما جميعاً، وقوله: إما الشباب وإما العمر لا يوجب إلا أحدهما.

والعذر للبحتري أن يقال: إن من مات شاباً فإنما فارق الشباب وحده؛ لأنه لم يعمر فيكون مفارقاً للعمر، ألا تراهم يقولون: فلان عمر: إذا أسن وفلان لم يعمر: إذا مات شاباً أو هو في حدود الشباب، ومن شاب وعمر ثم مات لم يكن مفارقاً للشباب في حال موته [لأنه قد قطع أيام الشباب وتقدمت مفارقته له، وإنما يكون في حال موته] (١) مفارقاً للعمر وحده، فإلى هذا ذهب البحتري، وهو صحيح، ولم يرد بالعمر ههنا: الكبر، كما قال زهير:

رأيت المنايا خبط عشواء من تصب ... تمته ومن تخطيء يعمر فيهرم (٢)

ومثله قول آخر:

من لم يمت عبطة يمت هرماً ... للموت كأس والمرء ذائقها (٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>