للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو تمام وسبيله أن يقدم في أول الباب؛ لأنه من إحسانه المشهور:

ولكنني لم أحو وفراً مجمعاً ... ففزت به إلا بشمل مبدد (١)

ولم تعطني الأيام نوماً مسكناً ... ألذ به إلا بنوم مشرد

وطول مقام المرء في الحي مخلق ... لديباجتيه فاغترب تتجدد

فإني رأيت الشمس زيدت ملاحة ... إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد

قوله: «لم أحو وفراً مجمعاً. . . إلا بشمل مبدد» يريد أنه لم يحو ذلك إلا في الغربة مع مفارقة وطنه وأحبابه، وأنه لم ينم نوماً ساكناً إلا بعد نوم مشرد في الأسفار، وهذا مبني على قول عروة بن الورد:

* ولم تدر أني للمقام أطوف * (٢)

وقوله: «فإني رأيت الشمس». . . مسروق من قول الكميت:

* ولو لم تغب شمس النهار لملت *

وقال أبو تمام:

هن البجاري أيا بجير ... أهدى لها الأبؤس الغوير (٣)

يوم مقام على وفاز ... وسائر الدهر فيه سير

في ثبة إن سرن جن ... أو يمموا شقة فطير

قد ضج من فعلهم جديل ... بنسله واشتكى غرير

هذا عبيد وذا زياد ... وذا لبيد وذا زهير

يا لك من همة وعزم ... لو أنه في عصاك سير

<<  <  ج: ص:  >  >>