للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «فالنفوس مواهبه» لفظ ومعنى في غاية الحسن والحلاوة، ولكنه

يصلح أن يقال لخليفة وغير خليفة إذا كان عظيمًا مسلطاً.

وينبغي للشاعر أن ينظر أغلب خلال الخير على الممدوح فيمدحه، ويكرره

في أوصافه ويردده.

ومن أشهر فضائل المأمون وأحبها إليه أن يذكر بها الحلم والعفو، ومما يؤثر

عنه أنه قال:

«أنا ألذ العفو حتى أخاف ألا أوجر عليه، ولو علم الناس مقدار محبتي للعفو لتقربوا إلي بالذنوب».

وقد مدحه أبو تمام بقصيدتين فما وصفه فيهما بعفو ولا حلم، إلا ماذكره

من منه على أسرى الروم، لما أتوه بهم، في غزاته، وذلك قوله:

/ لما رأيتهم تساق ملوكهم ... حزقاً إليك كأنهم أنعام

جرحى إلى جرحى كأن جلودهم ... يطلى بها الشيان والعلام

متساقطي ورق الثياب كأنهم ... دانوا فأحدث فيهم الإحرام

أكرمت سيفك غربه وذبابه ... عنهم وحق لسيفك الإكرام

فرددت حد الموت وهو مركب ... في حده فارتد وهو زؤام

والمن على هؤلاء الأسرى المثخنين من الروم يلزم المأمون، ولا يسوغ له الدين تجاوزه إلى غيره، لأن الله عز وجل قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>