أمَّا دم الكلب والخنزير .. فلا يعفى عنه هنا؛ لغلظه، وإنما عفى عنه في طين الشارع؛ لعموم البلوى به فيه، لا هنا.
وخرج بقولي أيضاً: ولم يحصل بفعله ما لو حصل المعفو عنه بفعله، فإنما يعفى عن قليله، كما قال:(ولو عصر البثرات أو الدماميل أو قتل البرغوث) أو نحوه في ثوبه أو بدنه، أو نام في ثوبه لغير حاجة، وكان ممن لا يعتادون النوم في ثيابهم ( .. عفى عن قليله فقط) على المعتمد؛ إذ لا كثير مشقة في تجنبه حينئذٍ، وإنما لم ينظروا لكون دم الفصد والحجامة بفعله؛ لأن الضرورة في ذلك أقوى منها في دم نحو البرغوث وعصر الدمل، ولو مرت نحو القملة بين أصابعه .. فالأقرب عدم العفو؛ لكثرة مخالطة الدم للجلد فلا ضرورة، بخلاف قتلها بغير مرت، ولو رعف في الصلاة .. لم تبطل وإن تلوث بدنه ما لم يكثر.
(ولا يعفى عن جلد البرغوث ونحوه) مما لا نفس له سائلة في بدن ولا ثوب ولو بمكة ونحوها أيام ابتلائهم بالذباب، وأفتى بالعفو فيه: الحافظ ابن حجر حينئذٍ.
والصيبان وجلد القمل يعفى عنهما في تضاعيف الخياطة إن لم يعلم بجلد القمل؛ لعسر تفتيش الثوب لذلك كل وقت.
وفي "القلائد": ولو ضرب حية أو عقرباً فخرج منه ماء حياتها .. فهو طاهر كلحمه حياً.
وبينت في "الأصل" عن "فتوى حج": أن هزال اللحم المضني كاللحم وإن قرب من لون الدم، فإن تحقق أن حمرته أو صفرته من الدم الذي على اللحم .. فهو نجس، لكن يعفى عنه، وأمَّا ما يتقاطر من الكبد مما يشبه الدم بعد اشتوائها .. فطاهر، أو قبله، فإن كان بلون الدم .. فنجس، وإلا .. فلا.
(ولو صلى بنجس) لا يعفى عنه (ناسياً أو جاهلاً) به، فإن علمه أثناءها .. قطعها وتطهر عنه واستأنفها، أو بعدها ( .. أعادها) متطهراً عنه وجوباً في الوقت أداءً إن أدركه، وإلاَّ .. فبعده قضاءً على التراخي؛ إذ لا تقصير منه، وإنما وجبت الإعادة؛ لأن الطهارة من باب المأمورات، وهو لا يؤثر فيه الجهل والنسيان، بخلاف المنهيات، والقديم لا قضاء، ورجحه في "المجموع".