وعلى الأول: لو مات قبل التذكر .. فلا مؤاخذة؛ لرفعها عن الخطأ والنسيان.
ولو شك هل أصابه النجس قبل الصلاة أو بعدها .. فلا قضاء؛ إذ الأصل في كل حادث تقديره بإقرب زمن، بخلاف ما لو تيقنه وشك في زواله قبلها .. فيعيد؛ إذ الأصل عدم زواله، ولو أخبره عدل بنحو كشف عورته .. لزمه قبوله، أو بنحو كلام مبطل .. فلا؛ لأن فعل نفسه لا يرجع فيه لقول غيره، ومحله فيما لا يبطل سهوه؛ لاحتمال أنَّ ما وقع منه سهو، أمَّا هو كالفعل الكثير .. فينبغي قبوله.
(الشرط الثامن: ستر العورة) عن العيون من إنس وجن وملك، فلا تصح مع عدم سترها مع القدرة عليها ولو خالياً أو في ظلمة؛ لآية (خُذُوا زِينَتَكُمْ)[الأعراف:٣١].
قال ابن عباس: المراد بها الثياب في الصلاة، فأطلقت الزينة والمسجد وأريد الثياب والصلاة، ولإجماعهم على الأمر بالستر في الصلاة.
والأمر النفسي بالشيء نهي عن ضده، والنهي يقتضي الفساد في العبادة والمعاملة إن رجع إلى ذات الشيء كصلاة الحائض؛ لاختلال شرطها، وهو الطهر، أو إلى لازمه كالصلاة في الأوقات المنهي عنها؛ لرجوع النهي إلى لازم الصلاة وهو الأوقات الفاسدة اللازمة لها، بخلاف النهي عن الشيء لخارج عنه كالنهي عن الوضوء بالماء المغصوب، فالنهي راجع إلى الغصب، وهو أمر خارج عن الوضوء غير لازم له، فلم يقتض الفساد، فإن عجز عنها بالطريق السابق في التيمم -فيلزمه سؤال عارية، وقبول تافه كطين- صلى عارياً عند اليأس منها وإن لم يضق الوقت عند (حج)، وأتم ركوعه وسجوده ولو بحضرة من يحرم نظره إليه، ولا إعادة.
ومن العجز أن يجد السترة متنجسة، أو يحبس بمحل نجس ولا معه سواها، فيفشها ويصلي عارياً ولو نفلاً، ولا إعادة، ويلزمه سترها خارج الصلاة ولو في الخلوة، لكن الواجب فيها ستر سوأتي الرجل والأمة، وما بين سرة وركبة حرة فقط، إلا لأدنى غرض كتبرد، فيجوز كشفها ولا يجب سترها عن نفسه، لكن يكره نظره لسوأته بلا حاجة.
وحكمة الستر والطهارة فيها ما جرت به عادة مريد التمثل بين يدي كبير بهما، والمصلي مريد التمثل بين يدي ملك الملموك، فهو أولى بهما.
وفائدة الستر في الخلوة أن يراه الله متأدباً، ولأن مكانه لا يخلو عن ملك وجن.