(ومن أمكنه) أي: سهل عليه بلا مشقة لا تحتمل عادة (مشاهدتها) أي: الكعبة، كأن كان في المسجد الحرام أو خارجه ولا حائل، أو أخبره بها عدد التواتر، أو, بنى محرابه على مشاهدتها ( .. لم يقلد) أي: لم يأخذ بقول غيره فيها ولو عن علم ما لم يبلغوا عدد التواتر.
وإنما جاز الأخذ بقول الغير في المياه ونحوها، وأخذ الصحابة بقول المخبر عنه صلى الله عليه وسلم مع إمكان اليقين بالسماع منه؛ لأن المدار في القبلة لكونها أمراً حسياً على اليقين، ولذا لا يكتفي بكون الشاذروان منها؛ لأنه منها لا يقيناً، بخلاف الأحكام ونحوها.
فعلم أن من بالمسجد في ظلمة أو أعمى لا يعتمد إلا المس، أو خبر عدد التواتر.
نعم؛ إن لم يمكنه لمسها إلا بمشقة لنحو كثرة الصفوف أو الزحام .. أخذة بخبر من يشاهدها، ويكفيه لمس بعض المصلين.
قال بعضهم:(ولو كان في بيته مثلاً، ولا يمكنه مشاهدتها إلا بصعود السطح .. فلا يلزمه) اهـ، وهو ظاهرعند من يكتفي بمطلق المشقة، أمَّا من قيدها بالمشقة التي لا تحتمل عادة .. فلا.
وفي معنى رؤية الكعبة رؤية موقفه صلى الله عليه وسلم الثابت تواتر لا آحاداً، فإنه في رتبة الخبر عن علم ورؤية القطب بعد الاهتداء إليه، ومعرفته يقيناً وكيفية الاستقبال به، ورؤية الجم الغفير في الصلاة.
(فإن عجز) عن علمها وما في معناه ولو لحائل بنى لحاجة ( .. أخذ) وجوباً (بقول ثقة) في الرواية بصير ولو أمة، لا فاسق أو صبي، وإن وقع في القلب صدقة وقُبل قوله في نحو الصوم؛ إذ الصلاة يحتاط لها أكثر، ولدخول الاجتهاد في الوقت وهو أقوى من خبرغير الثقة.
(يخبر عن علم) كقوله: هذه الكعبة، ولا يكلف صعوداً لرؤيتها ولو ثلاث درج، ولا دخول مسجد؛ للمشقة كما قاله (ع ش)، أو رأيت الجم الغفير يصلون هكذا، أو القطب ههنا، وهو يعرف دلالته .. ومثل خبره رؤية محراب كثر طارقوه، ولم يطعن فيه عالم بالمواقيت أو من ذكر مستنداً، وإلا .. فلا يعتمد.
نعم؛ يجوز الاجتهاد فيه يمنة ويسرة، إلاَّ ما ثبتت صلاته صلى الله عليه وسلم فيه لا يجوز الاجتهاد فيه مطلقاً.