ومن ذلك (الملائكة)، فيجب الإيمان بهم، وبأنهم عباد مكرمون (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[التحريم:٦]، وهم أجسام لطيفة نورانية، مبرأة من الكدورات الجسمانية، كاملة في العلم، قادرة على التشكل بأشكال مختلفة، لا يوصفون بذكورة ولا أنوثة، شأنهم الطاعة، بالغون في الكثرة ما لا يعلمه إلا الله، منهم المستغرقون في طاعة الله، وبعضهم خدمة الكون. فمنهم رسل الله الى أنبيائه، ومنهم حملة العرش، ومنهم الموكلون بالحجب وبالسماوات والجنة والنار والجبال والسحاب والمطر، ينزل مع كل قطرة ملك.
وبالجملة: فهم خدمة الكون كله، ولا موضع في السماء والأرض إلا وهو معمور بهم، وغالب مسكنهم السماوات.
ومن ذلك الكتب المنزلة من عند الله، وهي: مئة كتاب وأربعة كتب، أنزل على آدم منها عشرة، وعلى ابراهيم عشرة، وعلى شيث خمسون، وعلى إدريس ثلاثون، والتوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، والزبور على داود، والفرقان على محمد صلى الله عليه وعليهم وسلم.
واعلم: أنه يكفي الإيمان بمن ذكر إجمالاً، إلا من ثبت تعيينه .. فيجب الإيمان به تفصيلاً، بحيث إنه لو سمع ذكره .. علم أنه نبي أو ملك أو كتاب.
وذلك من الأنبياء: خمسة وعشرون، في:(وَتِلْكَ حُجَّتُنَا)[الأنعام:٨٣] ثمانية عشر، وآدم وإدريس وهود وصالح وشعيب وذو الكفل ومحمد صلى الله عليهم وسلم.
ومن الملائكة: جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ورضوان ومالك، ورقيب وعتيد -لكل مكلف اثنان يكتبان أعماله، ولا يفارقانه إلا عند قضاء الحاجة والجنابة والغسل، فإذا مات .. قعدا عند قبره، فإذا حشر .. حشرا معه- ومنكر ونكير.
ومن الكتب: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان.
ومن ذلك (اليوم الآخر) وهو من بعث الناس من قبورهم الى أن يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، أو إلى ما لا نهاية له، أو من الموت إلى ما ذكر، وهو المراد هنا؛ لأن من مات قامت قيامته، فيجب الإيمان به، وبما اشتمل عليه من سؤال الملكين منكر ونكير لمن مات وإن لم يدفن، أو أحرق وصار رماداً بعد إكمال دفنه بعد إعادة الروح إلى جميع البدن، ولا يسألان عن غير الاعتقاد، فمنهم من يسأل عن بعض اعتقاده، ومنهم من يسأل عن كله.