للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بشرط إمكان متابعته، وأن لا يتقدم المتأخر في الأفعال على من قبله إذا كان لا يرى الإمام؛ لأنه له كالرابطة وليست الثلاث مئة الذراع تحديداً، بل (تقريباً، فلا يضر زيادة ثلاثة أذرع) كما في "التهذيب"، وغيره، واعتمده في "الإمداد"، وأكثر المحشين المتأخرين، لكن قال في "المجموع": ونحوها وما قاربها، واعتمداه في "التحفة"، و"النهاية"، وهذا التقدير مأخوذ من العرف في القدوة، لا في غيرها، بدليل أنه لو حلف لا يدخل مكاناً فيه زيد، أو لا يجتمع به، فاجتمع به في المسجد .. لا يحنث.

واشتراط القرب حيث لم يجمعها مسجد يعم ما لو كانا في فضاء أو فلكين مكشوفين، أو مسقوفين، لكن المكشوفان، كالفضاء يشترط فيهما القرب فقط، والمسقوفان كبناءين يشترط فيهما القرب وعدم الحائل.

وما لو كان أحدهما في البر والآخر بسفينة، أو في بناءين كبيتين وصحن وصفه من مكان أو مكانين، سواء في ذلك المدرسة والرباط وغيرهما، فالشرط في الكل القرب، وعدم حائل يمنع الاستطراق، ورؤية الإمام أو مَنْ خلفه، وما ذكر من اعتبار القرب فقط، وهو المعتمد، تبع النووي فيه العراقيين.

واعتمد الرافعي كالمراوزة: أنه لا بد في البناءين من اتصال المناكب، بحيث لا يكون بين البناءين فرجة تسع واقفاً، فيما إذا صلى بجنبه، بأن يتصل بمنكب آخر واقف ببناء الإمام بمنكب آخر واقف ببناء المأمومين، وما عدا هذين من أهل البناءين لا يضر بُعدُهم عنهما بثلاث مئة ذراع.

وإن صلى خلفه .. فالشرط أن لا يزيد ما بين الصفين أو الشخصين الواقفين بطرفي البناءين على ثلاثة أذرع تقريباً؛ لأن هذا المقدار غير مخل بالاتصال، (و) إنما يكتفي بالقرب على الأول بشرط:

(أن لا يكون بينهما جدار أو باب مغلق) ومن ذلك صفف المدارس الشرقية والغربية إذا كان المأموم لا يرى الإمام ولا من خلفه، فلا تصح القدوة على الطريقين؛ لأن الجدار معد للفصل بين الأماكن، وفي معناه الباب المغلق ابتداء، فإن طرأ غلقه في أثنائها بغير فعله، وعلم بانتقالات الإمام .. لم يضر.

(أو) أن لا يكون بينهما باب (مردود)؛ لمنعه الرؤية وإن لم يمنع الاستطراق، ومثله الستر المرخي (أو شباك)؛ لمنعه الاستطراق وإن لم يمنع الرؤية.

<<  <   >  >>