(والإنصات) في الخطبة لمن سمعها ولو زائداً على الأربعين؛ لآية: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآن) [الأعراف:٢٠٤].
وإنما يحصل (بترك الكلام والذكر للسامع) مع الإصغاء لما لا يجب سماعه، بخلاف الأركان لأربعين، فيجب سماعها.
ويحرم كلام فوت سماع ركن؛ لتسببه في إبطال الجمعة عند (حج).
وأمَّا (م ر) .. فلا يشترط عنده السماع للفعل كما مر.
(وبترك الكلام دون الذكر لغيره) أي: لغير السامع لنحو بعد، بل يشتغل بقراءة أو ذكر سراً، بحيث لا يشوش على أحد، بخلاف الكلام، فمكروه وإن لم يسمع، خلافاً لقول قديم عندنا، كالأئمة الثلاثة بتحريمه؛ لخبر الصحيحين: "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: انصت، والإمام يخطب .. فقد لغوت".
وإنما لم يحرم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على من كلمه وهو يخطب، ولم يبين له وجوب السكوت، والأمر في الآية للندب.
ومعنى لغوت: تركت الأدب؛ جمعاً بين الأدلة.
ولا يكره الكلام لمن أبيح له قطعاً كالخطيب، وقبل الخطبة أو بعدها، أو بينهما أوحال الدعاء للملوك، وداخل لم يستقر في مكانه ولو لغير حاجة.
بل يسن تشميت عاطس، وتنبيه من خاف وقوع محذور به لو لم ينبهه، وتعليم غيره خيراً ناجزاً أو نهيه عن منكر.
بل قد يجب غير الأول إذا لم يوجد غيره كرد السلام على مسلم، ويقتصر على أقل ما يكفي.
بل لو كفت الإشارة لنحو التعليم .. ندب الاقتصار عليها.
(ويكره: الاحتباء فيها) -أي: الخطبة- لحاضرها؛ لما صح من النهي عنه، ولأنه يجلب النوم.
قال ابن زياد: ولو علم من عادته إن الاحتباء يزيد في نشاطه، فلا بأس به.
(و) كره (سلام الداخل) على الحاضرين في الخطبة وإن لم يأخذ لنفسه مكاناً؛ لاشتغالهم بما هو أهم (لكن تجب إجابته)؛ لأن الكراهة لأمر خارج، بخلافه على قاضي الحاجة.