فالربح والعقار إنما يعتبران إذا كان النقد لا يكفيه للعمر الغالب، وربحه أو غلة عقار يشتري به ما يكفيه لذلك.
وأمَّا إذا كان نقد يكفيه لذلك .. فهو غني، ولا حق له في الزكاة، وهذا ظاهر إن شاء الله.
ويؤيده أنه إنما يعطى عقاراً مثلاً يبقى بقية عمره فقط إن أمكن، وإلا .. فيعطاه وإن بقي أكثر من ذلك؛ للضرورة.
فالمقصود: كفاية بقية العمر الغالب بنقد أو ربح أو استغلال عقار، بل النقد هو الأصل.
فإذا كفى .. لم يكن لاعتبار غيره معنى؛ لحصول الغنى به.
وإنما أطلت هنا، وفي "الأصل"؛ لأنه أشكل على بعض الأجلاء.
ومن يحسن الكسب بحرفة .. يعطى ما يشتري به آلاتها، أو بتجارة .. فيعطى ما يشتري به ما يحسن تجارته لما يفي ربحه بكفايته غالباً.
فالبقلي يكفيه خمسة دراهم، والباقلاني عشرة، والفاكهي عشرون، والخباز خمسون، والعطار ألف، والبزاز ألفان، والصيرفي خمسة الآف، والجوهري عشرة آلاف، وكل ذلك تقريب، وإلا .. فيزيد وينقص بحسب الزمان والمكان والحال.
ويعطى ابن السبيل ما يوصله مقصده -بكسر الصاد- أوماله إن كان له مال بطريقه.
فلا يعطى مؤنة إيابه إن لم يقصده، ولا مؤنة إقامته الزائدة على مدة إقامة المسافر.
ويعطى مكاتب وغارم قدر دينهما.
ويعطى غاز حاجته في غزوه نفقة وكسوة له ولممونه وقيمة سلاح وفرساً، إن كان فارساً، ذهاباً وغياباً إن لم يقصد عدم الإياب، وإقامة وإن طالت؛ لأن اسمه لا يزول عنه بذلك، بخلاف ابن السبيل، وإذا أعطاه ما ذكر .. ملكه، فلا يسترد منه إلا ما فضل.
وللإمام أن يكتري السلاح والفرس له، ويعطى ما يحمل عليه زاده ومتاعه إن لم يعتد حمله بنفسه، ويسترد منه إذا رجع، كما في ابن السبيل، فإنه يهيأ له ذلك.
ويعطي المؤلفة الإمام أو المالك ما يراه، والعامل يعطيه الإمام أجرة مثله.
فإن زاد سهمه عليها .. رد الفاضل إلى بقية الأصناف، وإن نقص .. كمل من مال الزكاة أو سهم المصالح.
ومن فيه صفتا استحقاق للزكاة كفقير غارم .. فلا يأخذ من زكاة واحدة إلا بأحدهما بخيرته.