أمَّا هما .. فيجوز لهما نقلها كل إلى محل عمله، لا خارجه، ولهما أن يأذنا للمالك فيه.
ولو حال الحول على مال بنحو بادية لا مستحق بها .. صرفت لأقرب محل إليها، ولنحو أهل خيام لا قرار لهم صرفها لمن معهم ولو بعض صنف، كمن بسفينة في لجة.
فإن فقدوا .. فلأقرب محل إليهم عند تمام الحول، فإن تعذر الوصول إليه .. حفظت إلى أن يتيسر الوصول إليه إن ترجاه عن قرب، وإلا .. صرفت للأقرب إليه، وفي هذا كله عسر شديد، وربما كان سبباً لضياع الزكاة.
فالأحسن أن يستأذن القاضي أو الإمام في نقلها، أو يعمل بمقابل الأظهر من جواز النقل مطلقاً، كما هو مذهب أكثر العلماء، بل لا دلالة في الحديث المار لمنع النقل إلا بإضمار في (فقرائهم)، أي: إلى فقراء بلدهم.
فإن لم يضمر .. كان دليلاً لجواز النقل؛ لأن الظاهر أن الضمير في (فقرائهم) للمسلمين الصادقين بمن ببلده وغيرها. وعلى كل فعدم النقل أولى وأحوط.
وإذا نقل الزكاة فتلفت .. ضمنها إن لم يجب، وذلك، كأن فقدت الأصناف ببلد الوجوب، أو فضل عنهم شيء، فيجب حينئذٍ نقل الكل أو الفاضل؛ لكن ينقله لأقرب محل إليه، فإن جاوزه .. حرم على الأظهر.
وإنما امتنع نقل دم النسك مطلقاً؛ لأنه وجب لأهل الحرم بالنص الصريح، بخلاف الزكاة لا نص صريح فيها.
وإذا نقل، فإن وجب .. فمؤنته من الزكاة، وإلا .. فعلى الناقل.
فرع: إذا امتنع المستحقون من أخذ الزكاة .. قوتلوا؛ لتعطيلهم هذا الشعار العظيم.
ولو قال له: فرّق هذا على المساكين .. لم يدخل هو ولا ممونه فيهم، وإن نص على ذلك، قاله في"التحفة".