فإن اختل شرط من ذلك .. جاز له السؤال، وله أن يسأل ما يحتاج إليه بعد يوم وليلة إلى وقت يعلم فيه تيسر ما يكفيه بسؤال أو غيره، وهذا في غير سؤال ما اعتيد سؤاله بين الأصدقاء كقلم وسواك، وإلا .. فلا حرمة مطلقاً في سؤاله.
ولا يحرم على الدافع الدفع ولو لمظهر فاقة مع علمه بغناه وإن كان الدفع لغيره أفضل.
ومن أعطي لوصف ظن اتصافه به كفقر أو صلاح، بأن توفرت له القرائن أنه إنما أعطي لذلك، أو صرح له المعطي بذلك، وهو باطناً بخلافه، أو به وصف باطناً، لو اطلع عليه المعطي لم يعطه .. حرم عليه الأخذ، ولا يملك ما أخذه.
وكذا لو علم إنما أعطاه؛ لباعث الإلحاح، أو الحياء منه أو من الحاضرين، ولولاه لما أعطاه .. فهو حرام، يلزمه رده.
ويكره السؤال بوجه الله تعالى ما يتعلق بالدنيا، لا ما يتعلق بالآخرة، كتعليم خير.
(والمن بالصدقة) حرام (يبطلها)؛ لآية (لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى)[البقرة:٢٦٤]، ولخبر مسلم:"ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم"، فقال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال:"المسبل، والمان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذبة".
(وتتأكد) الصدقة (بالماء)؛ لخبر:"أي الصدقة أفضل؟ قال: "الماء"، أي: إن كان الاحتياج إليه أكثر من الطعام، وإلا .. فهو أفضل، ولخبر: "من أطعم جائعا .. أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمناً على ظمأ .. سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم، ومن كسى مؤمناً عارياً .. كساه الله من خضر الجنة" رواه أبو داوود، والترمذي باسناد جيد.
(والمنيحة) وهي: الشاة ونحوها اللبون، بأن يعطيها المحتاج؛ ليأخذ لبنها ما دامت لبوناً، ثم يردها إليه؛ لما في ذلك من مزيد البر والإحسان.
ويستحب أن لا يخلي يوماً من الصدقة بشيء وإن قل؛ لما مر، ولخبر البخاري: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وفيه ملكان، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً".
وأخذ الزكاة للفقير أسلم من أخذه الصدقة والهدية؛ إذ الزكاة لكل فقير ولو عاصياً.
والصدقة والهدية قلَّ أن يسلم آخذها من أمر لو اطلع عليه المعطي .. لم يؤثره بها، والله سبحانه أعلم.