للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمَّا إذا ظن وفاءه من جهة ظاهرة ولو عند حلول المؤجل .. فلا بأس بالتصدق، بل قد يسن.

نعم؛ إن وجب أداؤه فوراً؛ لطلب صاحبه أو لعصيانه به ولم يعلم رضا صاحبه بالتأخير .. حرم قبل وفائه.

(ويستحب) التصدق (بما فضل عن حاجته) وحاجة ممونه يومهم وليلتهم وكسوة فصلهم ووفاء دينه مطلقاً.

وفي وجه: (إذا لم يشق عليه الصبر على الضيق) ولا عليهم على الأصح؛ لأن الصديق رضي الله عنه تصدق بجميع ماله، وقبله منه صلى الله عليه وسلم.

فإن شق الصبر عليه .. كره؛ للخبر الصحيح: "الصدقة من كان عن ظهر غنى"، أي: غنى النفس، وهو صبرها على الفقر.

وبهذا التفصيل جمعوا بين الأحاديث المختلفة الظواهر، كهذا الحديث، وخبر أبي بكر السابق.

نعم؛ يلزم الموسر -وهو هنا من معه زائد على كفاية سنة- المواساة لأهل الحاجات بما زاد على كفاية سنة بنحو إطعام جائع، وإكساء عار، وتجهيز ميت لا تركة له، وغير ذلك مما به دفع ضرورات المسلمين.

(ويكره) للمتصدق (أن يأخذ صدقته) أو نحوها، كزكاته وكفارته ونذره (ممن أخذ) ذلك (منه ببيع أو غيره)؛ لأن (العائد في صدقته كالكلب العائد لقيئه) كما في الحديث.

وخرج بـ (يأخذ) المشعر بالاختيار: ما لو ورثها، فلا يكره له التصرف فيها، وما لو أخذها من غيره .. فلا يكره.

ولو بعث لفقير صدقة أو زكاة .. لم يملكه إلا بقبضه، فإن لم يأخذ الصدقة .. سن له التصدق بها على غيره؛ لئلا يكون في معنى العائد في صدقته.

(ويحرم السؤال على الغني بمال أو حرفة) تليق به ولم تشق عليه مشقة لا تحتمل عادة، ويكفيه وممونه دخلها.

<<  <   >  >>