وفي "التحفة": (ولو دل الحساب القطعي باتفاق أهله على عدم رؤيته، وكان المخبر منهم بذلك عدد التواتر .. ردت الشهادة به) اهـ
والمراد عدل شهادة لا رواية، فلا يكفي فاسق وصبي وعبد وامرأة، بخلافهما في الرواية.
ولا تشترط هنا العدالة الباطنة في الشاهد، وهي التي يرجع فيها إلى قول المزكين، بل تكفي العدالة الظاهرة، وهي التي لا يعرف لصاحبها مفسق وإن لم يعلم له تقوى؛ احتياطاً للعبادة.
ولا بد من لفظ الشهادة كأشهد أني رأيت الهلال، أو أنه هلَّ، لا أن غداً من رمضان عند (حج) وإن لم يتقدم دعوى؛ لأنها شهادة حسبة.
ومن قول القاضي ثبت عندي، أو حكمت بشهادته.
وليس المراد حقيقة الحكم؛ لأنه إنما يكون على معين مقصود، ومن ثَمَّ لو ترتب عليه حق لآدمي ادعاه .. كان حكماً حقيقة، ولا أثر لتردد يبقى بعد الحكم بشهادته.
نعم؛ إن علم قادحاً فيه .. عمل به باطناً، كفسق الشاهد، وكذا القاضي إن انعزل بالفسق بأن لم يعلم بفسقه موليه، أو بزيادته، ولا لدلالة الحساب على عدم الرؤية ما لم يكن قطعياً كما مر.
ودليل الاكتفاء بواحد خبر ابن عمر:(أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيت الهلال، فصام، وأمر بصيامه) وغيره.
وقوله: أخبرت، أي: شهدت عنده؛ لأنه من باب الشهادة، لا الرواية.
ولا يكلف الشاهد ذكر صفة الهلال، لكن لو ذكر محله، ثم بان الليلة الثانية بخلافه مما لم يمكن عادة .. ردت شهادته.
ولو تعارضا في محله .. عمل باتفاقهما على أصل الرؤية ولا أثر لرجوع شاهد أو حاكم بعد الحكم بثبوته، أو بعد الشروع في الصوم ولو بلا حكم .. قال الونائي: فإن رجعا .. امتنع العمل بالشهادة والحكم.
ومحل ثبوته بواحد بالنسبة للصوم، وكذا توابعه، كتراويح، ونحوها مما يتعلق برمضان، وكذا كل عبادة ثبتت بواحد، لا بالنسبة لنحو أجل وطلاق وعتق علقا به إلا في حق من رآه.