وخرج برؤية العدل: شهادته بثبوته في بلد آخر، فلا بد من اثنين، وما مر في ثبوته على العموم.
وأمَّا ثبوته على الخصوص .. فعلى من رآه ولو فاسقاً، وعلى من تواتر عنده -ولو من كفار- رؤيته أو ثبوته في محل متفق مطلعه مع مطلع محله، وعلى من أخبره موثوق به أنه رآه، أو ثبت فيما يوافق مطلعه مطلع محله ما لم يعتقد خطأه، أو غير موثوق به، كصبي أو فاسق وقع في قلبه صدقه، وعلى من عرفه بحسابه أو تنجيمه، ولا يجزئهما عن صوم رمضان عند (حج)، وعلى من أخبراه ممن اعتقد صدقهما، وكله مشكل؛ فإنَّ الحساب والتنجيم غايتهما إن يدلا على وجوده، وقد قالوا: لا عبرة به، بل العبرة برؤيته.
وعلى من رأى العلامات التي تدل على ثبوته، كقناديل معلقة بالمنائر وسماع مدافع أو طبول مما يحصل له به اعتقاد جازم على ثبوته، وعلى من ظن دخوله بالاجتهاد في حق نحو محبوس جهل وقته.
وهذه المذكورات كما يجوز له بها صوم رمضان يجوز بها الفطر عنه.
وإذا صمنا ثلاثين بعدل .. أفطرنا وإن لم نر الهلال بعدها، ولم يكن غيم، كما لو صمنا بعدلين.
والشيء قد يثبت ضمناً بطريق لا يثبت فيها مقصوداً، كالنسب والإرث لا يثبتان بالنساء، ويثبتان بهنّ ضمناً؛ تبعاً للولادة الثابتة بهنّ.
ولو صام بقول من اعتقد صدقه ثلاثين، ولم ير الهلال ليلة إحدى وثلاثين .. لم يفطر عند (حج)؛ لأنه إنما صومناه؛ احتياطاً، فلا نفطره احتياطاً.
وفارق العدل بأنه حجة شرعية.
(وإذا رئي الهلال ببلد .. لزم) الصوم (من وافق مطلعهم مطلعه) دون من خالفه، كما في طلوع الفجر والشمس وغروبهما، أي: في إلحاق من لا فجر أو لا نهار أو لا ليل له بمن له ذلك في دخول أوقات ذلك باتحاد المطلع، لا بمسافة القصر.
قال في "التحفة": (ولأن الهلال لا تعلق له بمسافة القصر، ولأن المناظر تختلف باختلاف المطالع والعروض، فكان اعتبارها أولى، وتحكيم المنجمين إنما يضر في الأصول دون التوابع كما هنا) اهـ
قال (ب ج): (ولأن اعتبار مسافة القصر يؤدي إلى أن يجب الفطر على من بالبلد،