(و) الثالث (أن ينوي الاعتكاف) في ابتدائه، لا في دوامه؛ لما يأتي في مسألة الخروج مع العزم؛ لأنه عبادة، فاشترط مقارنتها لأوّله من المكث أو التردّد.
وينبغي لداخل المسجد لنحو صلاة أن ينذر الاعتكاف بنحو لله عليَّ، أو نذرت أن أعتكف في هذا المسجد مدة إقامتي هذه فيه؛ ليثاب عليه ثواب الواجب، ثم ينويه.
(وتجب نية الفرضية إن نذره) فيقول: نويت فرض الاعتكاف، أو الاعتكاف المنذور، وندب زيادة لله تعالى، والتعرض للأداء والقضاء.
واعلم: أنه أطلق الاعتكاف .. كفته نيته وإن طال (و) لكنه (يجدد النية) وجوباً إن عاد (بالخروج) من المسجد ولو لقضاء الحاجة إن أراد الاعتكاف؛ لأنّ الثاني اعتكاف جديد فاحتاج لنية جديدة، هذا (إن لم ينو الرجوع) إليه حال خروجه.
فإن نواه وعاد ولو لمسجد آخر .. لم يحتج لتجديدها وإن طال خروجه، وصدر منه ما ينافي الاعتكاف كجماع، لا ما ينافي النية كنية قطع؛ لقيام هذا العزم مقامها؛ لوجود نية الزيادة قبل الخروج، فكانت كنية المدتين معاً.
(وإن قدره) أي: الاعتكاف المذكور (بمدّة) مطلقة أو معينة .. لم يشترط تتابعها، واعتكف لذلك (فيجددها) أي: النية وجوباً إذا عاد (إن خرج) بغير عزم على العود، وإلا .. لم يحتج لتجديدها على المعتمد، وهذا إن خرج (لغير قضاء الحاجة).
فإن خرج لها، أو لإخراج ريح على ما في "الشرح" .. لم يحتج لتجديدها؛ إذ ذلك لابد منه، فهو كالمستثنى عند النية.
(وإن كان) الاعتكاف (متتابعاً .. جددها) إن عاد وجوباً (إن خرج لما يقطع التتابع) كعيادة مريض، بخلاف ما لا يقطعه كقضاء الحاجة، والأكل مما يأتي في الفصل الآتي.
وتجب المبادرة بعد زوال عذره، وإلا .. انقطع التتابع كما يأتي.
وقيد تجديدها هنا في "الشرح" بما إذا خرج غير عازم على العود.
قال الكردي: (ولم يحضرني من قيد به في هذا المحل غيره في هذا "الشرح"، وعليه: فإذا عاد .. يكون عوده ابتداء مدة الاعتكاف من غير تجديد نية) اهـ