ويدل لمذهبنا الخبر الصحيح: "من شهد معنا صلاتنا هذه -أي: صبح يوم النحر، أي: بمزدلفة- فوقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً .. فقد تم حجه، وقضى تفثه"، فتأمله، فإنه نص صريح لمذهبنا.
ويصح عند أبي حنيفة ومالك جميع السنة، لكنه مكروه قبل شوّال.
(فلو أحرم به في غير وقته) كرمضان وبقية ذي الحجة ( .. انعقد عمرة) مجزئة عن عمرة الإسلام إن كانت عليه، علم به أو جهل، ولا يبطل؛ لأنه شديد التعلق، إذ لا يخرج منه كغيره بالفساد، بل ينصرف لما يقبله.
ولو شك هل أحرم في وقته أو قبله؟ انعقد حجاً؛ لأن أصل تقدير كل حادث بأقرب زمن أخص من مطلق العدم، فقدم عليه.
نعم؛ ينبغي الاحتياط، فينوي الحج إن لم يشرع في الأعمال؛ لصحة إدخال الحج على العمرة، وإلا .. فيفعل ما يفعل من أحرم بأحد النسكين ونسيه.
(و) أمّا الميقات المكاني .. فهو (إن كان بمكة .. فيحرم) ولو قارناً أو متمتعاً أو آفاقياً (بالحج منها) لا خارجها ولو محاذياً لها عند (حج)؛ لخبر: "حتى أهل مكة من مكة".
فلو أحرم خارجها في محل تقصر فيه الصلاة لمسافر منها، ولم يعد إليها قبل الوقوف .. أثم، ولزمه دم، وكذا إن عاد إليها قبله وقد وصل إلى مسافة القصر.
قال في "التحفة": كذا قالوه، ومحله إن كان ميقات الجهة التي خرج إليها أبعد من مرحلتين .. فيتعين الوصول للميقات أو محاذاته؛ لإساءته بترك الإحرام من مكة.
بخلاف ما لو كان ميقاتها على مرحلتين، أو لا ميقات لها، فيكفي الوصول إليهما.
وإنما سقط دم التمتع بالمرحلتين مطلقاً؛ لأن هذا فيه إساءة ترك الإحرام من مكة، فشدد فيه أكثر، ولأنه ببعده منها مرحلتين انقطعت نسبته إليها، فصار كالآفاقي، فتعين ميقات جهته أو محاذاته.
ويستثنى من ذلك: من يريد قضاء نسك أفسده، فيعتبر في حقه الأبعد من ميقات طريق القضاء والأداء، أو مثل مسافته.
والأجير المكي إذا استؤجر عن آفاقي .. فيلزمه الإحرام من ميقات المحجوج عنه كما اعتمدوه.