وهذا هو المراد بقولهم: يفسده الجماع، وتحرم به المحرمات الآتية. وبقولهم: ينعقد الإحرام، أي: يحصل الدخول فيه بالنية.
(وينعقد) الإحرام أيضاً في أشهر الحج (مطلقاً) -بفتح اللام وكسرها- لما روى الشافعي: (أنه صلى اللله عليه وسلم خرج هو وأصحابه ينتظرون القضاء -أي: نزول الوحي- فأمر من لا هدي معه أن يجعل إحرامه عمرة، ومن معه هدي أن يجعله حجاً).
(ثم يصرفه) أي: الإحرام المطلق بالنية (لما شاء) من حج أو عمرة، أو كليهما، وإن ضاق الوقت أو فات عند (حج).
والأفضل: صرفه للعمرة؛ خروجاً من الخلاف، ولا يجزئه العمل قبل الصرف.
نعم؛ إن طاف ثم صرفه حجاً .. وقع عن طواف القدوم، ولا يجزئه السعي بعده قبل الصرف؛ لأنه يحتاط للركن ما لا يحتاط للسنة.
وفي "الإيعاب": أنه يجزيه السعي بعده.
ولو أفسده قبل الصرف .. فأيهما عينه كان مفسداً له.
أمَّا في غير أشهر الحج .. فينعقد عمرة، وله أن يحرم كإحرام زيد، ثم إن كان زيد مطلقاً أو غير محرم أو أحرم فاسداً .. انعقد له مطلقاً، وإن علم إحرام زيد وكان زيد مفصلاً ابتداء .. تبعه في تفصيله.
بخلاف ما لو أحرم مطلقاً وصرفه حجاً أو عمرة، وأدخل عليها الحج، ثم أحرم كإحرامه .. فلا يلزمه في الأولى أن يصرفه لما صرفه له، ولا في الثانية إدخال الحج على العمرة إلا أن يقصد التشبيه به في الصورتين.
وإذا تعذر معرفة إحرام زيد .. جعل نفسه قارناً، وعمل عمله، ولا يبرأ من العمرة؛ لاحتمال أنه كان محرماً بحج، وهو يمتنع إدخال العمرة عليه.
ويغني عن نية القران نية الحج؛ إذ لا يحصل له وإن نوى القران سواء، ولا يلزمه دم إن نوى القران.
ولو اقتصر على عمل عمرة .. لم يحصل له التحلل، أو على عمل الحج بلا نيته .. حصل له التحلل، ولا يبرأ من شيء منهما.
(ويستحب التلفظ بالنية) التي يريدها مما مر؛ لتأكد ما في القلب، كسائر العبادات.