قال الداودي فيه: أن التأويل الفاسد لا يعذر به صاحبه. ا. هـ. ولا ضير في قولهم: مستحلين في الصحابة؛ لأنه مدخول الشرط الذي لم يقع، ووجه فساده قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] ، فإنه ظاهر على أن ما فهمه الموافقون على الدخول غير المراد، وإنما يعذر إذا كان ثم شبهة قوية، ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم للآخرين أي الذين امتنعوا قولا حسنا راه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة في معصية الله تعالى، إنما الطاعة في المعروف". رواه الشيخان قال الحافظ: وفي الحديث من الفوائد أن الحكم في حال الغضب ينفذ منه ما لا يخالف الشرع، وأن الغضب يغطي على ذوي العقول عقولهم، وأن الإيمان بالله ينجي من النار لقولهم: إنما فررنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم إليه فرارًا إلى الله يطلق على الإيمان. قال تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات: ٥٠] ، وأن الأمر المطلق لا يعلم الأحوال؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بطاعة الأمير فحملوه على عموم الأحوال، حتى في حالتي الغضب والأمر بالمعصية، فبين لهم أنه مقصود على ما كان منه في غير معصية، واستنبط منه ابن أبي جمرة أن الجمع من هذه الأمة لا يجتمعون على خطأ لانقسام السرية قسمين منهم من هان عليه دخول النار وظنه طاعة، ومنهم من فهم حقيقة الأمر، وأنه مقصور على ما ليس بمعصية، فكان اختلافهم سببا لراحة الجميع، قال: وفيه أن من كان صادق النية لا يقع إلا في خير، ولو قصد الشر فإن الله يصرفه عنه، ولذا قال أهل المعرفة، من صدق مع الله وقاه الله، ومن توكل على الله كفاه الله. اهـ. "قال الحافظ أبو الفضل بن حجر في قوله: ويقال أنها سرية الأنصار، إشارة إلى احتمال تعدد القصة، وهو الظاهر لاختلاف سياقهما،" كما مر بيانه "واسم أميرهما" والسبب في أمره