للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أسماء الله تعالى الحميد، ومعناه: المحمود؛ لأنه تعالى حمد نفسه، وحمده عباده، وقد سمي الرسول صلى الله عليه وسلم بمحمود، وكذا وقع اسمه في زبور داود.

وأما "الماحي" ففسر في الحديث بمحود الكفر، ولم يمح الكفر بأحد من الخلق ما محي بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه بعث والأرض كلهم كفارا، ما من عباد أوثان ويهود.


نسخة، بلا ضمير، وليس ثم رابط يربط الخبر بالمبتدأ، فينبغي تقديره "من أسماء الله تعالى الحميد ومعناه المحمود"، فهو فعيل بمعنى مفعول لاستحقاقه الحمد، "لأنه تعالى حمد نفسه وحمد عباده" ببناء الفعل للفاعل فيهما وذكر الأول توطئة للثاني، وبيانا؛ لأنه المحمود الحقيقي وحمد غيره له إنما هو بأقداره عليه وخلقه، في الحالين حمد نفسه، "وقد سمي الرسول صلى الله عليه وسلم بمحمود" لأن كلا منهما اسم مفعول دال على مبالغة في كونه محمودا، "و" كما أفاد هذا الاستنباط تسميته بمحمود "كذا وقع اسمع" أي تسميته بمحمود "في زبور داود" عليه السلام، وهذا يقتضي أنه ليس من أسماء الله، وجزم المصنف فيما سبق بأنه من أسمائه منشدا قول حسان:
فذو العرش محمود وهذا محمد
ولا يرد هذا على عياض متبوع المصنف هنا؛ لأنه أورد هذا الكلام دليلا على ما سماه الله به من أسمائه الحسنى، ومحمود، ليس منها فاحتاج إلى أخذه من الحميد قائلا وإلى نحو هذا أشار حسان، فذكر البيت على أن بيته ليس بقاطع، لاحتمال أن معناه مسمى بمحمود أو موصوف بالحمد، وأما "الماحي" ففسر في الحديث" المتقدم أوائل المقصد "بمحو الكفر"، ولفظه، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وعجيب نقله عن غير المصنف، وما بالعهد من قدم.
ومر أن في رواية أخرى، فإن الله محا به سيئات من اتبعه، وأنه لا تعارض لأن محمود أحدهما لا يمنع محو الآخر، وسلف أيضا دفع استشكاله بأنه ما محي من كل البلاد بأجوبة، "ولم يمح الكفر بأحد من الخلق ما محي بالنبي"، أي محوا كمحواه به "صلى الله عليه وسلم، فإنه" أنقد الناس من الضلال إلى الهدي؛ لأنه "بعث والأرض" أي أهلها "كلهم كفار" لا يرد الخضر وإلياس على حياتهما لأنهما لما لم يخالطا أهل الأرض لم يعدا من أهلها، ولا المتمسكون بما لم يبدل من الشرائع لقلتهم جدا، فكأنه لا وجود لهم ولنسخ جميع الشرائع بالمحمدية، ولا يراد أن نوحا عليه السلام محا الكفر بدعوته التي أغرقت الكفار؛ لأنه بإهلاكهم وهدى بهداهم، وقد كانوا "ما بين عباد أوثان" وخرجت بين هنا عن معناها، وهو الوسط إلى الانتهاء مجازا علاقته المشابهة؛ إذ المتوسط بين شيئين ينتهي إلى كل منهما، والمعنى وهم منقسمون إلى هذه الأقسام، "ويهود

<<  <  ج: ص:  >  >>