للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونصارى ضالين وصابئة ودهرية لا يعرفون ربا ولا معادا، وبين عباد الكواكب وعباد النار، وفلاسفة لا يعرفون شرائع الأنبياء ولا يقرون بها، فمحاها برسوله، حتى أظهر دينه على كل دين، وبلغ دينه ما بلغ الليل والنهار، وسارت دعوته مسير الشمس في الأقطار، ولما كانت البحار هي الماحية للأدران كان اسمه عليه الصلاة والسلام فيها الماحي.

وأما "الحاشر" ففسر أيضا في الحديث بأنه الذي يحشر الناس على قدمي، أي يقدمهم وهم خلفه،


ونصارى صالين" صفة لنصارى فقط؛ لأن شريعتهم كانت باقية قبل بعثته، لكنهم لما حرفوا وبدلوا صاروا ضالين، فكأنهم ليسوا على شريعة، لا صفة لمن قبلها؛ لأن عباد الأوثان، لا يتوهم فيهم سوى الضلال حتى ينص عليه، وكذا اليهود لنسخ شريعتهم بعيسى، "وصابئة" قال في الكشاف قوم خرجوا من اليهودية والنصرانية، وعبدوا الملائكة، وقال غيره، طائفة تميل إلى النصارى واعتقدوا تأثير الأفلاك وقدم العالم والهيئة الشمس، وغير ذلك وأنكروا الرسالة في البشر عن الله ولم ينكروها في الكواكب.
"ودهرية" بفتح الدال ملحدين، "لا يعرفون ربا، ولا معادا" على الوجه الواجب على الموحد معرفته به الذي منه امتناع الشركة، فلا يزد أن أهل الكتابين والوثنيين يعترفون بالرب، ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله.
"وبين عباد الكواكب وعباد النار"، كالمانوية والمجوس "وفلاسفة، لا يعرفون شرائع الأنبياء، ولا يقرون بها، فمحاها" الله "برسوله حتى أظهر دينه على كل دين" كما قال ليظهره على الدين كله بعلوه وغلبته على الأديان، بنسخها وبيان ما غير وبدل منها، وعلو أهله على من عداهم بتسليطهم عليهم وقهرهم، وإلقاء الرعب في قلوبهم، كما هو مشاهد، "وبلغ دينه ما بلغ الليل والنهار" يعني عم جميع الدنيا، كما عماها وذلك مع مزيد الظهور البين، كما أشار له بقوله: "وسارت دعوته مسير الشمس في الأقطار" فهو مع ما فيه من عذوبة اللفظ بيان لأن البلوغ لم يكن مع خفاء، بل مع شدة الظهور الغالب الذي لا يمكن إمكانه، ولا دفعه، "ولما كانت البحار هي الماحية للأدران" الأوساخ "كان اسمه عليه الصلاة والسلام فيها الماحي" ويأتي أن اسمه فيها عبد المهيمن، فاستفيد منهما أن له فيها اسمين، "وأما "الحاشر" ففسر أيضا في الحديث" المتقدم "بأنه الذي يحشر الناس على قدمي" بالإفراد والتثنية روايتان، كما مر "أي يقدمهم وهو خلفه" كما قاله الخطابي وابن دحية، ثم تجيء كل نفس فتتبعه، ويرجحه

<<  <  ج: ص:  >  >>